٢٠١١-١١-١٢

مجرد تساؤلات



*** 
كتبت هذه الخاطرة في 2010/12/19 حين فجر شاب عراقي انتحاري نفسه في وسط العاصمة السويدية ستوكهولم.

***
في الأسبوع الماضي فجر شاب انتحاري عراقي نفسه وقتلها بعدما كان ينوي، حسبما أعلن، قتل مدنيين أبرياء. هذا الفعل يستحق بحد ذاته الإدانة والتنديد والرفض. لان قتل مدنيين أبرياء هو جريمة بكل المقاييس ولا يمكن أن تبرره أية دوافع. وشخصيا أرى إن استهداف السويديين بالذات، لوداعتهم ولطفهم،  هو جريمة مضاعفة، مع إن أرواح البشر جميعا وفي كل مكان هي عندي شيء ثمين ويستحق الصون.

صدرت ردود فعل عديدة من النافذين في الجالية العراقية، كلها تدين وتهين وتندد وتتهم وتشتم. هل هؤلاء محقون بما فعلوا؟.

ربما.

وصفوه بالجحش، والمقبور، والقاتل، وطبعا بالإرهابي المجرم. وصارت المناسبة سوق عكاظ للمزايدات والتظاهر. أراد احدهم، بنفس تملقي، أن ترفع لافتة للمتظاهرين من العراقيين المقيمين في السويد، الذين تنادوا للتنديد بهذا الفعل والتبرؤ منه، يُكتب عليها ( معذرة للسويديين). لكن احد العقلاء أعاده إلى صوابه بان قال: ان ذلك سيعني قبولنا بتهمة الإرهاب وتعميمها على كل مسلم. فلسنا منهم لنعتذر عنهم.

وسط كل هذا لم يطرح احد سؤالا: لماذا يرمي شاب، في مقتبل العمر، وبهذه الخلفية من الحياة الحرة والمرفهة، وبقدر جيد من النجاح ـ لماذا يرمي نفسه إلى هكذا مصير قاسي ومشوه؟. شاب وسيم، متعلم وحيوي، عاش جل حياته في الغرب وتربى هناك على قيم العلمانية والحرية واحترام الأخر المختلف.  شاب امتدح أدبه الجم وروحه المرحة أصدقاؤه وجيرانه من السويديين ومن جاوره في انكلترا حيث تعلم التطرف والإرهاب كما توصلت إلى ذلك التحليلات والتحقيقات. من يرى وجه الشاب لايشك بوداعته، ومن يسمع صوته الرقيق سيزداد اقتناعا بذلك. والسؤال هو:  لماذا انتهى شاب بهذه الصفات المميزة إلى هذا المصير، والى هكذا قناعات ومواقف؟.
.
والسؤال الأهم:  لماذا لم يحاول المثقفون والمتعلمون من كتاب وأدباء ومن المشتغلين بالحيز السياسي والمنظمات المدنية، ممن تصدوا للأمر هنا في السويد، أن يفكروا حول هذا الأمر وتلك الاسئلة بدلا من المواقف الانفعالية والهتافات؟.  أليس جديرا بالمثقف أن يستقصي أبعاد اي فعل اجتماعي ويحاول فهمه ليستطيع أن ينور مجتمعه بما يدور حوله من هموم واسئلة؟. هل الإدانة والشتيمة ستقدم فهما للمواطن عن مايمكن أن يثار من أسئلة في داخله، هذا إن لم أتشدد وأطالب المثقف في أن يصوغ هو أسئلة المجتمع حول مايدور في واقعه؟.  وهل تقدم الإدانة والسخرية إجابة على التساؤل الحارق: لماذا يذهب أبناؤنا الشباب إلى هكذا مصائر مؤلمة؟.    

الم تشعرهم هكذا ميتة لهكذا إنسان بالأسف؟. لماذا لم يأسفوا قبل أن يدينوا ويشتموا إذن؟.

 هي مجرد تساؤلات.

***



ليست هناك تعليقات: